Admin Admin
المساهمات : 495 تاريخ التسجيل : 05/12/2012
| موضوع: العلم الحديث وكيف نتقى الله تعالى السبت ديسمبر 15, 2012 3:22 pm | |
|
التقدم الحضاري المعاصر شمل جميع مناحي الحياة بكل أبعادها وأعماقها ، وما يبدعه العلماء المعاصرون في عقد من السنين يعدل ما كان يقدمه علماء الكون جميعاً في قرن كامل أو يزيد . هذا التقدم الهائل في الأمور جعل العلماء ـ مثلاً ـ يرسلون مركبة في الفضاء تنزل على سطح القمر ، وتسير عليه ، وتأخذ منه كمية من التراب والحجارة والصخور للدراسة والتحليل ، وتصور سطحه بكل دقة وتفصيل . ومركبة أخرى تحمل أجهزة رصد وتصوير ، تنطلق من قاعدتها الأرضية إلى آفاق الفضاء ، فتتجاوز الأرض والمشتري والمريخ وأورانوس ونبتون ، وتقطع آلاف الملايين من الكيلومترات في السماء ، وترسل على الدوام صوراً لكل ما تمر عليه من نجوم وكواكب وأجرام سماوية ، وإذا حدث خلل أو عطل في جزء من أجزائها أصلح الإنسان العالم هذا الخلل وهو قاعد على كرسيه في القاعدة الأرضية ، وأعادها إلى ما كانت عليه من انتظام عمل ، ودقة تصوير ، وإرسال صور ، واستمرارية في الانطلاق . لقد صار من السهل أن يصدق الناس أن كثيراً من الطائرات تسير بدون ربان أو قبطان ، وأنها تنطلق في السماء صعداً ، أو تهبط في المطارات بأوامر من ( كومبيوتر ) ووفق برنامج مرسوم فيه لها ، ويتم ذلك الصعود والهبوط دون أن يشعر الركاب المسافرون عليها بأدنى تغيير أو اضطراب . والأقمار الصناعية اليوم ، والتي صارت بالعشرات ، تقوم بمهماتها المرسومة لها على خير وجه ، منها ما خصص لتجسس الدول بعضها على بعض ، ومنها لنقل الإشارات التلفزيونية من بلد إلى بلد ، ومن قارة إلى أخرى ، ومنها لنقل المكالمات الهاتفية عبر العالم ، ومنها ومنها ..حتى لقد حدثونا أن آلات التجسس والتصوير في بعضها قادرة على تصوير كل شيء في الكرة الأرضية بكل دقة ووضوح ، وقد تلتقط محادثة بين رجلين يتحدثان تحت ظل شجرة في بستان ، وتصور ما يأكلان أو يشربان. صار من الممكن ، بل من السهل ، أن ترفع سماعة الهاتف ، وتدير القرص ، وتتحدث وأنت في بيروت مع أخيك أو صديقك أو شريكك في شيكاغو أو في طوكيو أو في ساحل العاج ، فتسمع صوته في الطرف الثاني ، وقد يتاح لك ببعض الأجهزة أن تراه ، بل يمكنك أن ترسل له خطاباً وصوراً وعقوداً ووثائق عبر ( الفاكس ) فيتسلمها فوراً ،ويطلع عليها ، أو يوقعها ، ويعيدها إليك في المكالمة ذاتها . والتقدم الطبي كاد يبلغ ما كنا نظنه مستحيلاً ، فلقد غدت عمليات نقل القلب أو الكلية أو الكبد أو العين من إنسان إلى آخر أمراً عادياً مكروراً ، يجري في مختلف غرف الجراحة في المستشفيات الراقية في معظم بلاد العالم . تلك هي لمحة موجزة عن بعض الحضارة الحديثة أردنا بها أن نسأل : ما موقف القرآن الكريم من هذه الحضارة وهذا التقدم المخيف ؟ ايعارضه ويقف في وجهه ، أم يتجنب مواجهته ولا يبالي به ، أم يماشيه ويسانده ويدعمه ويشد من أزره؟ إن الجواب ليس بالسهل ، فللقرآن وللدين الإسلامي بعامة أسس ثابتة مكينة لا يجوز التعدي عليها أو إغفالها . أولها : وحدانية الله ، ثم العبادات المفروضة والمعدودة من دعائم الإسلام ، ثم المعاملات الشرعية التي فصلها الكتاب المبين ، وبينتها السنة النبوية ، وأسهب في شرحها علماء الفقه والأصول والتشريع ، وأخيراً : الأسس الأخلاقية في السلوك الإنساني في مختلف الظروف والأحوال ومع مختلف الناس الآخرين . بعبارة ثانية : الإسلام يماشي كل حضارة ترفع من قيمة الإنسان ، وتعلي قدره ، وتصون كرامته ، وتحفظ عقيدته ، وتجل إنسانيته ، ولا تفرق بينه وبين سواه في الجنس أو اللون أو الموقع الجغرافي ،أما ما عدا ذلك فتحاربه ، فهي ضد كل ما يسيء إلى الفرد أو الجماعة ،وما يفسد على الإنسان عقيدته أو أخلاقه أو سلوكه ، أو يهبط به إلى ما دون المرتبة الإنسانية التي أرادها له الخالق العظيم القائل : ( ولقد كَرَّمْنا بني آدم ) . والآن ، وبعد استعراض بعض آلاء الحضارة المعاصرة ، وبعد تفجر التكنولوجيا ، وشمولها لمعظم الأجهزة الحديثة ، نقول بكل هدوء واطمئنان : إن هذا التقدم الهائل أتاح للعلماء المسلمين المعاصرين أن يفسروا كثيراً من آيات القرآن تفسيراً يتفق ومعطيات العصر ، ويختلف اختلافاً كبيراً عن تفسسير القدماء ، ويروا فيه إعجازاً جديداً ، لم يقف عليه العلماء السابقون . وأضرب على ذلك مثلاً واحداً : أشرطة التسجيل اليوم وأشرطة الفيديو ، وأفلام التصوير ، تكون مصنوعة من ( بلاستيك ) ممغنط ، وقد تصنع من معدن الكروم . والعجيب أن هذه الأشرطة والأجهزة تصور كل شيء بألوانه الطبيعية ، وبحركاته وسكناته ، وتسجل الصوت وكل صغيرة وكبيرة في عالم الإنسان أو في عالم سواه . ومن طرائف تسجيلات ( الفيديو ) أنه كان في إحدى المدن العربية عرس ، وكانت النساء مجتمعات في ( دار الأفراح ) يغنين ويرقصن فرحات ، وكانت هناك عدة آلات فيديو تصور تصويراً آلياً الحفل كله ... وما هي إلا ساعة من زمن حتى صاحت إحدى النساء ( حلقة أذني ) وكانت هذه (الفردة من الحلق ) من ألماس غال جداً .. فلقد سقطت هذه الفردة من أذنها أثناء رقصها وراحت هي وأخواتها وأهلوها وصواحبها يفتشن عن هذه ( الفردة ) في أرض الدار ، وعلى الكراسي ، ويسألن كل امرأة حاضرة أن تفتش معهن ، وعبثاً كان عملهن وتفتيشهن ، وظل الحلق مفقوداً ، ولم يعرف أحد أين اختفت تلك ( الفردة ) . وفي اليوم التالي ، وبينما كان أهل العروس يتفرجون على شريط الفيديو الذي صور عليه العرس في ( دار الأفراح ) لفت نظرهم فلانة من الناس ، تنظر إلى ( فردة الحلق ) الساقطة على الأرض ، ثم تميل قليلاً قليلاً نحوها ، وتمد يدها إليها ، وتلتقطها ، وتدسها في صدرها بســرعة البرق .. وأعاد أهل الشريط هذا المنظر مرة بعد مرة ، وتأكدوا من شخصية سارقة الحلق ، فدعوها بعد أيام قليلة إلى زيارتهم ، فلبت هذه الدعوة ، وجاؤوا بسيرة الحلق المفقود ، وأبدوا استغرابهم من ضياعه ، رغم أن جميع النساء في العرس اشـتركن في التفتيش عنه ، وسايرتهم هذه بحديثهم ، وتعجبت مثلهم من فقده ، وأبدت أسفها على ضياعه ، وأردفت بكلام قاس على من سرقته ، ثم زادت الكلام عن تدني النفوس ، وانحطاط الأخلاق ، وشيوع الخيانة ، وما إلى ذلك .. وما هي إلا دقائق حتى وضع أهل العرس شريط الفيديو بحجة الرغبة في استعادة رؤية ليلة الفرح ، وحين عرض الفيلم صورة الضيفة الحاضرة وصورتها وهي تنظر إلى فردة الحلق الساقطة أولاً ، وصـورتها وهي تلتقطها ، ثم وهي تدسها في صدرها ، اضطربت ، وامتقع لونها ، واستعادت إحداهن هذا المشهد ، فأعيد مرات متكررة ، وفي كل مرة تظهر الضيفة وهي تدس ( الفردة ) في صدرها ، وأخيراً قالت : صحيح أني وجدتها ، لكن احتفظت بها لأردها إليكم ، ولقد التقطتها وخبأتها خشية أن تدوس عليها إحدى الراقصات ، أو تسرقها سارقة .. وطبيعي في مثل هذه الحال أن يمتقع لونها ، ويضطرب لسانها ، ويسوَدَّ وجهها ، وترتجف جميع أطرافها ، وتزداد خفقات قلبها ، ويتلعثم لسانها .. فلقد أدينت ، وقبض عليها بالجرم المشهود ــ كما يقولون ــ وهل تستطيع أن تنكر أو تجحد وجود الحلقة كما أنكرتها وجحدتها ليلة العرس في ( دار الأفراح ) ؟ الصورة والصوت والتسجيل على شريط الفيديو هي التي فضحتها على رؤوس الأشهاد . ويخيل إلينا أنها ودت أن لو انشقت الأرض وبلعتها قبل أن تفضح هذه الفضيحة ، كما أنها لعنت في ضميرها الفيديو والتصوير ومن اخترعهما ، ولعنت الليلة التي جاءت بها إلى العرس ، والساعة التي دعيت فيها إلى منزل هذه الأسرة ، فلقد سجلوا بآلاتهم عنوان سرقتها وخيانتها وكذبها وإنكارها وكل سوء فيها . وبعد، أفلم تقــرب إلينا هذه لبقصة ما يفعله الـمَـلَـكـان على أكـتافنا ، ( الرقيب والعتيد ) أو لم نؤمن بأن في إمكان الله أن يجعل أيدينا وأرجلنا وعيوننا وآذاننا وجلدة بَشَرَتِنا آلات رصد وتصوير وتسجيل ، تشهد علينا ، يوم الحساب ، إذا أنكرنا الذنب ، وجحدنا الإثم ؟ هذا الإنجاز الحضاري جعلنا نقف إجلالاً وإكباراً وخشوعاً أمام هذا القرآن الكريم الذي أعلمنا بأن ما يعمله الإنسان مسجل عليه بالصوت والصورة ، وأن القرآن سبق التكنولوجيا المعاصرة في هذا الأمر ، وأن الحضارة الحديثة فسرت لنا إمكانية حفظ الصوت والصورة وكل تسجيل إلى آماد بعيدة .. لنقرأْ قوله تعالى في سورة فُصِّلَتْ : ( ويومَ يُحشَرُ أعداءُ الله إلى النارِ فهم يُوزَعون . حتى إذا ما جاؤوها شَهِدَ عليهم سـمعُهم وأبصارُهم وجلودُهم بما كانوا يعملون . وقالوا لجلودهم : لِمَ شهدتم علينا ؟ قالوا : أنطَقَنا الـلّــهُ الذي أنطق كلَّ شيءٍ ، وهو خلَقَكم أولَ مرة ، وإليه تُرجَعون . وما كنتم تَسْـتَتِرون أن يشهدَ عليكم سـمْعُكم ولا أبصارُكم ولا جلودُكم ، ولكنْ ظَـنَـنْـتُـمْ أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون ) . وفي سورة ياسين : ( اليومَ نَختِمُ على أفواههم ، وتُكلمنا أيديهم ، وتشهدُ أرجلهم بما كانوا يَكسبون ) . إن الإنسان استطاع أن يحفظ على شريط بلاستيكي ممغنط صورة إنسان وصوته وحركته ، أفليس الله بقادر على أن يجعل يد الإنسان ورجله وجلده تصور حركة صاحبها ، وتنطق بما كان يفعل ، وتعيد الصورة والصوت يوم الحساب الأكبر ، ويوم يطلب الله منها أن تشهد على صاحبها ما كان يعمله في دنياه ، وهو يستتر عن أعين الناس ، ظناً أن عمله ذهب في طيات النسيان ، وأنه نجا من الحساب ، واستخفى الاستخفاء العظيم ؟؟ | |
|